بينما يعاني كوكبنا من ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة والاحتباس الحراري وارتفاع درجة الحرارة وتغير أنماط الطقس واضطرابات في توازن الطبيعة وتغير المناخ، بات على دول العالم اتخاذ مواقف وقرارات تؤدي إلى خفض الانبعاثات إلى أقصى حد ممكن، وزراعة الأشجار الصديقة للبيئة، وانتهاج أسلوب حياة يدفع حياتنا نحو كوكب أكثر استدامة، والأهم مما سبق هو تأكيد الالتزام الجماعي المشترك بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه من أجل إنقاذ الأرض من مصير مجهول ينتظرها إذا استمر الحال على ما هو عليه.

ستتاح الفرصة أمام المجتمع الدولي في نهاية هذا الشهر، عندما يجتمع قادة العالم والأطراف المعنية بالمناخ والبيئة حول العالم في قمة المناخ «كوب 28»، في مدينة إكسبو دبي، لمناقشة الإجراءات اللازمة لمواجهة ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى مستويات خطيرة، والتغلب على الانبعاثات، وهذا لن ينجح إلا بتكاتف المجتمع الدولي وتضافر الجهود بعيداً عن تبادل الاتهامات والتنصل من المسؤوليات. ونحن على مشارف قمة المناخ، أطلقت دولة الإمارات «استراتيجية الحياد المناخي 2050»، كخطوة مهمة في المواجهة المناخية، ومحركًا للاقتصاد والمجتمع المستدام، وهي خطة عمل لـ «مبادرة الإمارات الاستراتيجية للحياد المناخي»، التي أطلقتها الدولة عام 2021، كأول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن هدفها لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.

ويستهدف «الحياد المناخي» الوصول إلى صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الصفرية، والعيش بطريقة لا ينتج عنها انبعاثات غازات الدفيئة، وهو ما عملت الإمارات عليه، وأعلنته معالي مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة، مؤخراً، إذ إن الإمارات من دون «استراتيجية الحياد المناخي» كانت الانبعاثات فيها ستبلغ 210 ملايين طن سنوياً، لكن هذه الاستراتيجية الجديدة تقود الدولة إلى نمو اقتصادي مستدام، وتحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي، مع تحقيق الالتزامات المناخية.

ولأن خطوات الإمارات المناخية هي مسار مستدام، فإن الاستراتيجية تنفذ في مراحلها خفض الانبعاثات بنسبة 40% بحلول عام 2030، و60% بحلول عام 2040، حتى الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية 2050، ومن أجل تحقيق الهدف تعمل الدولة على مبادرات عدة تتجاوز 25 برنامجاً في قطاعات الطاقة والصناعة والنقل والزراعة والنفايات والبناء، في إطار من التعاون بين المؤسسات الاتحادية والمحلية، والمشاركة مع المجتمع والقطاع الخاص، لتحقيق الأهداف المناخية والتنموية.

وفي إطار خطتها الاستراتيجية، تتوسع الدولة في استخدام الطاقة المتجددة، مع تحسين كفاءة استخدام الطاقة، ودعم الاستثمار في الطاقة النظيفة والمتجددة، وتبذل الدولة جهوداً غير مسبوقة في مشروعات التنقل المستدام، والتحول في الطاقة النظيفة، إذ توفر بنية متطورة للشحن الكهربائي للسيارات، وتعزز استخدام الوقود المستدام في شركات الطيران. إن دولة الإمارات من الدول الرائدة في مجال العمل المناخي، حيث تلتزم بتحقيق الحياد المناخي، بالاستناد على رؤية واضحة لمستقبل مستدام وصديق للبيئة، لكن كوكبنا يحتاج إلى جهود دولية في الحياد المناخي، وأمام زعماء العالم وقادة العمل المناخي الفرصة، في نهاية شهر نوفمبر، في قمة المناخ «كوب 28»، للوصول إلى صيغة تعاونية تحمي كوكبنا من الآثار والتداعيات المناخية، وتعطي البشر الفرصة للعيش في حال أفضل.

رئيس قطاع «تريندز - دبي»- مركز تريندز للبحوث والاستشارات.